وسائل الإعلام تدعي أن عدد القتلى في الحرب الأهلية في سوريا، الدائرة منذ ثلاث سنوات، يفوق 150 ألفَ قتيل، أحقًّا؟
لا أحد في الحقيقة يمكنه أن يعرف كم مواطنًا سوريًّا قد قُتل حتى الآن في الحرب الأهلية. وتشير تقديرات بعض الخبراء إلى أكثر من 150 ألف قتيل. لم يتضح من قام بقتلهم، وكم منهم من جنود النظام ومن جنود الجيش الحر. كم منهم من البريئين، الأطفال، النساء، والشيوخ؟
يبدو أن العالم قد يئس من القتال الدائر الذي يبتلع كل شيء جيد على أرض سوريا. ومع ذلك، فمن فترة لأخرى، يفزع المجتمعَ الدولي لمعرفة حجم الكارثة: 19 قتيلا هنا، 30 قتيلا في انفجار غامض وأناس تُدفن أحياء تحت أنقاض المباني، بعد القصف من الجو بالبراميل المتفجرة.
ولم تُحسب بعد أعداد الجرحى واللاجئين أو المهجّرين من بيوتهم.
فعلى سبيل المثال، كان شهر نيسان المنصرم (2014)، شهرًا نازفًا. ففي الأسبوع الأخير من الشهر، سلب صاروخ من الجيش السوري الذي أطلِق نحو المدرسة الابتدائية، عين جالوت، في مدينة جلب، حياةَ 19 إنسانًا بما في ذلك أطفال وبالغين، وهذا على أقل تقدير حسب ما ورد من تقارير قناة الجزيرة. أطلِق الصاروخ حين كان الأطفال منهمكين في عرض رسوماتهم التي تعارض الحرب البشعة.
قبل هذا الحدث الدامي بيوم واحد، أعلن تنظيم السلفية الجهادية، جماعة النصرة، مسؤوليته عن تفجير سيارتين في حمص، قُتل جرّاؤه 79 مواطنًا سوريًا.
وهنالك كذلك قصة الراهب المعروف، فرانس فان دير، الراهب الهولندي الأخير الذي بقي في مدينة حمص بعد أن رفض مغادرة المدينة المحاصرة من أجل أن يساعد المحتاجين قدر جَهده، وقد قتله مجهول أيضًا.
فالصعوبة في إحصاء القتلى، عدا عن الأسى، هي مهمة محبطة بشكل خاصّ. ففي شهر كانون الثاني الأخير (2014)، قررت منظمات من الأمم المتحدة أن توقف عدّ القتلى بسبب صعوبة عدهم، إذ تجري فوضى في هذه الدولة. ما زالت جمعيات مثل المرصد السوري لحقوق الإنسان، تحاول عد الضحايا، رغم القتل المتفشي.
يصل العدد الرسمي لضحايا الحرب الفظيعة، الذي يُعلن عنه من فترة لأخرى إلى 150000 ضحية. ويُقدّر بعض المخمنين أن العدد أكبر من ذلك ويصل إلى أكثر من 220000 قتيل.
عاش قبل اندلاع الحرب والنضال ضدّ حكم بشار الأسد (كانون الثاني 2011) في سوريا حوالي 22 مليون مواطن سوري. مذّاك، نزح نحو 5 ملايين مواطن عن وطنهم وصاروا لاجئين، وأصبح عدد شبيه آخر من المواطنين مهجرًا في بلده. حسب معطيات الأمم المتحدة، يُعتَبر ما يقارب 9 مليون سوري، مهجرين بسبب الحرب: فكل مواطن لبناني رابع أصله سوري وكل مواطن أردني خامس أصله سوري. وأغلب اللاجئين هم من الأطفال والنساء، لكن، بقي الرجال في سوريا ليحاربوا أو ليُقتَلوا.
نشرَ هذه المعطيات للمرة الأولى الدكتور نير بومس، عضو باحث في مركز ديان لدراسات الشرق الأوسط، وخبير في الشأن السوري لصحيفة wall street journal