Translation of the recent article about Abu Baker al Yehudi to Arabic, Amman Center for Israel Studies
” أيها اليهود، لم ننس فلسطين ولو للحظة”، كان هذا تهديد أبو بكر البغدادى خليفة الدولة الإسلامية فى أول مرة يتوجه فيها مباشرة إلى إسرائيل كانت هناك تفسير واسع لتصريحه غير المسبوق يقول بأن “الدولة “الإسلامية” واجهت ضائقة مؤخراً بعدما فقدت الأموال والمقاتلين فى سوريا والعراق، ووجدت فى تشديد اللهجة ضد إسرائيل طريقة لحشد صفوفها من جديد كان هناك تفسير بديل للتهديد بفتح جبهة مع إسرائيل يأتى من مكان أقل توقعاً، من بحث بسيط على موقع جوجل
من يكتب اسم “أبوبكر البغدادى” باللغة العربية سيجد أن أحد كلمات البحث الشائعة جداً هى “أبوبكر البغدادى يهودى” والنظرية التى ترى أن زعيم “الدولة الإسلامية” هو رجل الموساد الذى يعمل من قبل إسرائيل، ولذلك لم يقاتل تنظيمه حتى الآن مباشرة ضد إسرائيل، هى نظرية رائجة جدا فى الإعلام العربى لما يزيد عن عام.
.
هذه السرد المختلف الذى يحمل عدة اختلافات، يظهر فى عدد لانهائى من مواقع الإنترنت، وشبكات التواصل الإجتماعى، بل وفى المقالات الصحفية فى الصحف ذات الثقل، ويبدو أنه قد حصل على رصيد لدى الجمهور العربى وفقاً لذلك، من الممكن أن يتم تفسير تهديد البغدادى تجاه اليهود، على سبيل المثال على أنه محاول لدحض المؤامرات الشعبية ضده
المزاعم بشأن يهودية البغدادى بدأت فى الإنتشار فى الإعلام العربى فى اغسطس 2014 من خلال الإقتباس عن مصادر مشكوك فى صحتها، بعضها إيرانى، ورافق ذلك صوراً تعرض على مايبدو هويته “الحقيقية”. وفقاً للصيغة الشائعة فإن الوثائق التى سربها ادوارد سنودن قالت أن الخليفة الإسلامى ليس سوى عميل للموساد الإسرائيلى باسم شمعون اليوت، والذى ينفذ مؤامرة صهيونية تهدف إلى دخول الدول التى تهدد إسرائيل فى المرحلة الأولى، وتخريبها فى المرحلة الثانية، والسيطرة علي الشرق الأوسط فى المرحلة الثالثة كل ذلك بهدف رؤية ” أرض إسرائيل الكاملة”. وحقيقة أن الدولة الإسلامية قد ركزت فى سوريا والعراق قبل إسرائيل جاءت كدليل قاطع على صحة المؤامرة.
نظرية العلاقة قد تطورت فى العام الماضى إلى اتجاهات أخرى. أشارت العديد من المقالات إلى ” نقاط تشابه” و ” قواسم مشتركة” بين الدولة الإسلامية وإسرائيل. ويشمل ذلك استخدام مرتزقة تعود أصولهم إلى دول أجنبية، وارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين الأبرياء، وتقديم الرؤية التى تعتمد على التعصب الدينى، وسلب أراضى من أصحابها الشرعيين، وإعادة رسم خارطة المنطقة والعمل بالمخالفة للقواعد الدينية المعروفة. بعضهم قال أن “الدولة الإسلامية” و” الكيان الصهيونى” هما ” وجهان لعملة واحدة” ووفقاً لذلك فإن القتال ضدهما يجب أن يكون مشتركاً ومتزامناً، حيث أن خلاص الأمة العربية مرهونة باقتلاع جذور هذه وتلك. كما قال سعودى فى صحيفة عكاظ السعودية ” حتى وإن لم يكن هناك بالضرورة ارتباط عائلى يهودى لأبوبكر البغدادى، فإنه ليس هناك شك فى أن أفعاله وتصريحاته يهودية وصهيونية من الناحية الفكرية والدينية”.
نظرية الإرتباط
إن تفسير رواج نظريات الإرتباط فيما يتعلق بيهودية البغدادى وتنظيمه يكمن بشكل كبير فى حاجة العديد من المسئولين مواجهة التحدى الدينى المعقد للدولة الإسلامية الذى وضعه التنظيم أمام المجتمعات العربية الإسلامية. إن الأعمال الوحشية للدولة الإسلامية واستخدامها لراية الإسلام يجعل التيار الإسلامى السائد أمام نفور صعب ومقلق تساعد “يهودية” البغدادى فى ترسيخه. إن نظريات الإرتباط تعزز المزاعم التى تقضى بأنه على الرغم من أن الشعارات الإسلامية التى يرفعها تنظيم الدولة الإسلامية وعشرات الآلاف من الشباب المسلم المنضم إلى صفوفه، هى فى الحقيق لاتمثل عموم وأساس روح الإسلام. إن ربط ظاهرة “الدولة الإسلامية” بالعدو اليهودى الخارجى تشكل تفسيراً مريحاً ومهدئاً للضمير، والذى ينقى المسلمين من أى شائبة ويعيد تنظيم فهم الواقع وفقاً للنظام القديم المعروف.
إن معادلة “البغدادى يهودى” و “الدولة الإسلامية صهيونية” جاءت إذا كان الأمر كذلك لتشويه الشرعية الدينية التى تزعمها الخلافة، وتخدم أعدائها المساهمين، من جانبهم فى توسعها. على سبيل المثال مقال فى صحيفة السفير اللبنانية المقربة من حزب الله، أشار إلى التطابق بين ” الخلافة” و ” الأرض الموعود” وبين ” الأصولية اليهودية” و” السلفية الجهادية”. الكاتب العراقى فاضل الربيعى، كتب أن إقامة “الدولة الإسلامية” فى العراق وسوريا جاء لمنح شرعية لإسرائيل كدولة يهودية دينية تسكن إلى جانبها. وأشار مقال فى صحيفة الدستور الحكومية الأردنية إلى أنه كما اعتمدت إسرائيل على الصبغة الدينية اليهودية لكى تقنع اليهود بالهجرة إلى فلسطين، ألبست الدولة الإسلامية أيضاً نفسها رداءاً إسلامياً بهدف حث المسلمين للإنضمام إلى الخلافة.
التصريحات العنيفة لأبوبكر البغدادى ضد اليهود لم يكن هدفها آذان الإسرائيليين فقط، هدفها فى المقام الأول كان للرد على الخصوم المسلمين فى الداخل وإصلاح مكانة “الدولة الإسلامية” على أنها تقدم برنامج إسلامى وعربى “جدير بالتصديق” يضع تحرير فلسطين نصب عينيه وليس ” المؤامرات الصهيونية” المنسوبة لها. وفى رد على محاولات البغدادى التنصل من يهوديته عن طريق تصريحاته، رد مفتى السعودية أن ” تهديداته لإسرائيل كاذبة، حيث أنه ورجاله ليسوا إلا جنود لإسرائيل”.
المصالح المشتركة للمعسكر السنى المعتدل مع إسرائيل، هكذا يبدو، لاتؤثر فى الحقيقة على الخطاب المزدهر حول التشابه الجزئى بينها وبين الدولة الإسلامية. وعلى الرغم من ذلك، إذا كانت إسرائيل مهتمة بالتنصل الهوية التى ارتبطت بها، عليها أن تطلب من الأنظمة العربية الصديقة عدم منح منبر إعلامى لنظريات ارتباط من هذا النوع. حتى الآن هناك القليل من النخبة فى العالم العربى قد خرجوا علناً ضد هذه النظريات، ووجد العديد منهم فيها تملصاً من المواجهة الضرورية مع التشدد الإسلامى. وقد كتب صحفى عراقى من أصل كردى ” لقد تعلمنا منذ الصغر أن الحل الأسهل هو تعليق مشاكلنا على الشماعة اليهودية ونشعر بأننا أفضل، لكننا الذين يدعون اليوم أبوبكر البغدادى بشمعون، سيدعون الأكراد غداً شمعون وبعد غد سيدعوننى أنا وأنت بذلك”.
معاريف – اوفير وينتر \ نير بومس